الأحاديث والقرآن والدجال

روى أحمد وأبو داوود وابن ماجة والترمذي والبيهقي الحديث : ((لا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ أَمْرٌ مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ ، فَيَقُولُ : لا أَدْرِي مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ))

(لا ألْفِيَن) : لا أرى


(متكئاً على أريكته) : كناية عن الغرور وإدعاء الفهم


وهكذا نفهم من الحديث أهمية الأحاديث ، وهي تقدم تفاصيل لأشياء يذكرها القرآن بوجه عام ، مثل (وأقيموا الصلاة) هكذا بلا تفاصيل ، حتى تأتي الأحاديث وتعلمنا كيفية إقامة الصلاة ، وأداء الزكاة ، والصيام ، والحج ، ولولا الأحاديث لما عرفنا

  


وهناك أحاديث تحلل بعض الأشياء التي حرمها القرآن ، مثل الآية من المائدة : ((حرمت عليكم الميتة والدم ) ، ثم جاءت الأحاديث لتبيح ميتة الجراد والسمك ، والدم الكبد والطحال ، بينما كان عموم الميتة والدم محرمة في القرآن 



لكن هناك باحثين اليوم يرفضون الأشياء التي ذُكرت بالأحاديث ، ولم تذكر بالقرآن 


مثل المسيح الدجال

  


فهل عدم ذكره مباشرة وبصراحة في القرآن يلغي وجوده؟ 


وهل هناك مسيح دجال ، أم لا؟



أولاً : الأحاديث في الدجال كثيرة ومتواترة ، وتعود للقرن الأول الهجري في رواية ابن إسحاق (ثمانين هـ) : ((رأيت أنس بن مالك عليه عمامة سوداء ، والصبيان يشتدون ، ويقولون : هذا رجل من أصحاب رسول الله ﷺ لا يموت حتى يلقى الدجال))


وهكذا كانوا ينتظرون الدجال ، ويتوقعون خروجه والصحابة موجودين ، مثل أنس بن مالك ، ولم ينكر وجوده أحد منهم ، وهذا دليل على أنهم سمعوا به آنذاك ، ولم يتسرب إلينا لاحقاً من ثقافات أخرى ، ولو كان كذلك لأنكره الصحابة والتابعين
وقد إمتلأت كتب القرون الأولى الثلاثة بأحاديث عن الدجال ، وكان هناك شك في كونه المسجون الذي رآه تميم الداري (راجع الحديث) ، أو ابن الصياد الذي كان عمر بن الخطاب يقسم أنه الدجال ولا ينكر عليه الرسول ذلك


حتى قال ابن حجر (القرن السابع هـ) في (فتح الباري) : ((أقرب ما يجمع به بين ما تضمنه حديث تميم وكون ابن صياد هو الدجال : أن الدجال بعينه هو الذي شاهده تميم موثوقاً ، وأن ابن صياد هو شيطان تبدّى في صورة الدجال في تلك المدة ، إلى أن توجه إلى أصبهان فاستتر مع قرينه ، إلى أن تجيء المدة التي قدّر الله تعالى خروجه فيها))
أما بخصوص الباحثين الذين يرفضون وجود الدجال لأن الله لن يسلط على المؤمنين من يفتنهم ، فهو قطعاً لم يقرأ :


(الم ، أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين))

  

أضف تعليق