تخبرنا الآية : {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} النحل
ثم تتابع : {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ، إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى (الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ) وَ(الَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ)}
وهكذا إذا قرأنا القرآن يتسلّط علينا الشياطين بالوسوسة ، فيشاغلوننا بأشياء من هنا وهناك لكي نسرح ونسهو فلا نتفكر بما نقرأ من آيات ، ووسوستهم هذه قد تكون عرضية ، على الذين ليس للشياطين سلطان عليهم ، بينما تكون وسوستهم دائمة على قسمين من الناس
القسم الأول : الذين يتولّونهم
القسم الثاني : الذين يشركون بهم
القسم الثاني واضح معناه ، أنهم يشركون بهم ويعتقدون أنهم يضرون وينفعون ، وهذا الإيمان نابع عن قصد وعلم
لكن (الذين يتولّونهم) يختلفون عن (الذين يؤمنون بهم) ، من حيث العلم والقصد
فالموالاة هي المتابعة ، فعندما يتولّى شخص شخص هو يتبعه ، بغض النظر عن القصد أو عدم القصد ، فقد يخدع شخص شخصاً آخر ليتبعه ، مثلاً بدعوى أن الناس كلهم يفعلون هذا ، فيتبعه بغير قصد إتباعه
وهذا الفرق بين المشركين بالشياطين ومن يوالونهم
لكن كيف يمكن لشخص أن يتبع الشياطين بغير قصد؟
حيث تخبرنا الآية : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً ، وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ، إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} البقرة
وهكذا للشياطين خطوات ، وإذا إتبعها شخص فيعتبر موالي للشياطين ، بعلمه أو بغير علمه تلقائياً يصبح لهم سلطان عليه ، بدليل الآية {إنما سلطانه على الذين يتولّونه}
وقلت أن الموالاة هي إتباع ، وللشياطين خطوات ، ومن يتبعها يتولاهم تلقائياً
سنحدد خطوات الشياطين من الآية : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً ، وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ، إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} البقرة
أولاً ، الآية تبتدئ بالدعوة للأكل الحلال ، فكل ما هو ضد ذلك يعتبر البداية للخطوات التي تؤدي لموالاة الشياطين
وعن ابن عباس أنه عندما : تليت هذه الآية عند النبي ﷺ : ( ياأيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا )
فقام سعد بن أبي وقاص ، فقال : يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة
فقال . ” يا سعد ، أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة ، والذي نفس محمد بيده ، إن الرجل ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل منه أربعين يوما ، وأيما عبد نبت لحمه من السحت والربا فالنار أولى به ”
وهكذا أول ما يفتح باب خطوات الشياطين هو عدم الأكل الحلال ، كما تفتتح الآية ، أولاً الدعوة للأكل الحلال ، ثم التحذير من خطوات الشياطين
فما علاقة (أكل الحرام) بـ(الدعاء) بـ(خطوات الشياطين)؟
كما هو واضح من رواية ابن عباس ، البداية هي بأكل الحرام ، حيث يتسبب بحجب الدعاء ، فيُحبط الشخص وييأس ويبدأ بتتبع خطوات الشياطين
ويخبرنا حديث مسلم : “أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: (يَا رَبَّ؛ ياَ رَبَّ) وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغَذيَ باِلْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لَهُ؟”
والإسلام دقيق في موضوع أكل الحرام ، لكننا للأسف غير دقيقين
وسأسرد عليكم قصة تبين مدى دقة الإسلام ومدى تهاوننا ، حيث سألت سيدة الإمام أحمد بن حنبل، فقالت : إنا نغزل على سطوحنا فتمر بنا مشاعل الظاهرية (الحرس) ، ويقع الشعاع علينا ، أفيجوز لنا الغزل في شعاعها ؟ (يعني: هل يجوز لنا أن نستخدم ما لغيرنا دون إذن أو بغير ما خُصص له) فقال الإمام : لا تغزلي في شعاعها.
تخيل أن لا تستخدم شيء من أملاك الحكومة أو الآخرين إلا بإذن ، أو أن تستخدمه بغير ما خصص له ، حتى التظلل تحت شجرة أحد ما ، هذا فحوى فتوى الإمام ابن حنبل
فما بالك بالأكل من راتب وظيفة لا تنتج منها ولا تؤديها كما هو يفترض بك
عموماً ، فلنتابع ونتعدى موضوع (الأكل حلالاً طيباً) وننتقل إلى خطوات الشياطين ، والتي ما أن نتبعها حتى نواليهم ، ويصبح لهم سلطاناً علينا
تخبرنا الآية : {إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} البقرة
(السوء) : وهو ما يسوءنا أو يسوء الآخرين ، عندما تنتقص من نفسك أنت تسوءها وتتبع خطوات الشيطان ، أو عندما تنتقص الآخرين ، تنعتهم بصفة بقصد الإنتقاص من شأنهم
(الفحشاء) : هي القبيح من القول والفعل ، تخيل أنك ما أن تشتم أحد أو تؤذي أحداً بالشارع حتى توالي الشياطين تلقائياً
(القول على الله) : وتنقسم إلى قسمين
الأول : أن تؤلف من عندك فتقول هذا حلال أو حرام ، {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ} النحل
الثاني : أن تنتقص من قدر الله ، باطناً أو ظاهراً
هناك كذلك آية أخرى تتكلم عن باب يؤدي إلى خطوات الشياطين : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} البقرة
والآية تتحدث عن الإيذاء ، للآخرين وللكائنات الحية والبيئة ، وهو باب لمتابعة خطوات الشياطين ، مثله مثل الأكل الحلال
كما قلت ، هناك بابين يؤديان إلى خطوات الشياطين ، التي تسبب تسلطهم علينا
وهما : (عدم الأكل الحلال) و(الإيذاء) ، أما خطوات الشياطين المذكورة في القرآن فهي كثيرة ، منها تغيير خلق الله ، الفحشاء ، المنكر ، السوء ، القول على الله ، وغيرها
ونحن معرضون جميعاً لأن نتبع خطوات الشياطين لسبب أو لآخر ، فيتسلطون علينا بالوسوسة عند قراءة القرآن ، ولهذا تأمرنا الآية : {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} النحل
كما قلت ، تتابع الآية : {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ، إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى (الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ) وَ(الَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ)}
دام أنه يتسط علينا بالوسوسة فنحن من الذين نتولاه ونتبعه بطريقة أو بأخرى ، وكذلك لسنا من (المخلَصين) : {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ، إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} الحجر
لذلك تخبرنا الآية : {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} الأعراف
ولذلك نحن مأمورين إذا قرأنا القرآن أن نستعيذ بالله من الشياطين ، لكي لا يتسلطون علينا بالوسوسة والتشويش والشرود
لكن
تخبرنا آية أخرى : (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) الأعراف
لاحظ أن الإنصات يختلف عن القراءة ، لا يحتاج لإستعاذة من الشياطين
وهكذا الإنصات للقرآن يختلف عن قراءته
فلماذا؟
دعونا نبدأ الإجابة بالعودة إلى الآية : {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} الأعراف
الآية تعطينا خيارين تجاه القرآن الصوتي ، وهما : (الإستماع) و (الإنصات)
فما الفرق بينهما؟
(السمع) عملية بيولوجية تحدث عندما تلتقط الأذن موجات الصوت ، فتقيس أطوال موجاتها ، ثم تنقلها للدماغ ، الذي يتعرف عليها ، وهي عملية مستمرة تحدث لا إرادياً ، وبغير وعي منا.
أما (الإنصات) فهو عملية ذهنية ، تتطلب الصمت والتركيز على ما تستقبله الأذن ، وهي عملية مؤقتة وتتطلب وعي ، ومجاهدة لتشتت الأفكار الذي يحفزة المعلومات المستقبلة من الأذن.
ويمكننا ملاحظة تمييز القرآن لكل من هاتين المهارتين ، في الآية : {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا} الأحقاف
لاحظ أن الجن (سمعوا) القرآن أولاً ، ثم (أنصتوا) بتركيز وإهتمام
وهكذا ، عندما تأمرنا الآية : {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} الأعراف
الآية تعطينا الخيارين ، فلا يُشترط السكوت والإنصات بتركيز ، وإنما يمكنك الإنشغال عنه ، وحتى الحديث
وذلك لأهمية (القرآن المسموع)
يعزو الباحثين ذلك لبرمجة قديمة فينا ، حيث يبدأ التعلم السماعي من الأشهر الأولى لنا في هذا العالم ، حيث نبدأ بربط المعلومات مع الصوت لمحاولة فهم هذا العالم ، فنربط (ماما) مع صور الأمهات ، بينما نقرأها بعد ذلك بسنوات عديدة
ولا ندري في أي مرحلة من عمر البشرية بدأ البشر بالكتابة والقراءة ، لكن التعلم السماعي سبق ذلك بكثير ، حيث عندما {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ، ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ ، فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} البقرة
كان تعلم سماعي ، حيث ربط آدم صوراً لأشياء بكلمات سمعها من الله ، ثم عندما عُرضت عليه مرة ثانية إستحضر الكلمات من ذاكرته ، وتلفظ بها
هناك بحث صادر عن جامعة كرمنشاه بإيران لعدة باحثين ، والبحث يأتي إستكمالاً لأبحاث صادرة عن جمعية علم النفس الأمريكية ، بخصوص تأثير الدين على الحالة النفسية
إعتمد البحث على شريحة تتكون من216شخص ، يشتركون بنفس العمر والجنس والحالة الإجتماعية ، ما عدا كون108شخص معتادين على تلاوة والإستماع للقرآن ، و108غير معتادين عليه
بعد تطبيق18إختبار عليهم ، يخلص البحث إلى أن القرآن يحسّن الحالة النفسية للمُتلقي ، حيث يخفض التوتر ، يعالج الإضطراب والقلق ، الإكتئاب والأرق ، بدرجة متفاوتة ، بحيث كان غير المعتادين على القرآن الأكثر تأثراً
هناك دراسة للباحث الهولندي (هوفن ، فاندر) تناقش تأثير القرآن على المتلقي ، من ناحية ضبط ضغط الدم ، النبض ، درجة التوتر
حيث لاحظ الباحث قلة تعرض المسلمين للضغوط النفسية والأمراض العقلية ، مقارنة بغيرهم من أتباع الديانات
دراسته طبقت على عشر طلبة مسلمين ، قدم لهم نص عربي غير ديني ، والقرآن ، مع ملاحظة ضغط الدم والنبض وعموم الحالة النفسية ، فقررت الدراسة (٢٠٠٧) أنه كان للقرآن تأثير فوري إيجابي عليهم
بينما دراسة لـ(ساليه ، يوكيل) من جامعة سالفورد البريطانية ، تزيد ، بالإضافة لما سبق ، هناك تغير غامض في درجة حرارة الجسد عند المتلقي للقرآن
دراسة (ساليه) التي طبقت على ثلاثين طالب مسلم ، تؤيد دراسة (هوفن) أن للقرآن تأثير إيجابي على الصحة النفسية للمسلمين ، بالإضافة لضبط ضغط الدم ، ونبض القلب ، والتغير في درجة الحرارة
وإستكمالاً لأبحاث عن تأثير الموسيقى على الذاكرة ، قامت جامعة (آزاد) في إيران بتجربة القرآن المسموع على الأطفال
حيث قسموا الأطفال (الصف الخامس الإبتدائي) إلى مجموعتين ، أعطوهم معلومات ، ثم أسمعوا مجموعة موسيقى والأخرى قرآن ، ثم طلبوا منهم ترديد المعلومات التي أعطوهم إياها قبل سماع الموسيقى والقرآن
فأظهرت النتائج تفوق المجموعة التي سمعت القرآن على التي سمعت الموسيقى
فتخلص الدراسة إلى إمكانية إستخدام القرآن المسموع للإرتقاء بالعملية التعليمية
بالإضافة إلى أن هناك بحث بعنوان (تأثير صوت القرآن على الصحة العقلية) لمجموعة من الباحثين الإيرانيين من جامعة زهدان ، تم نشره في مجلة (الدين والصحة) في ديسمبر ٢٠١٣
البحث جاء إستكمالاً لأبحاث سابقة عن تأثير القرآن المسموع على الصحة النفسية ، لكن ما يميز هذا البحث هو أنه يناقش تأثير القرآن المسموع بلا ترتيل (كنغمة مصاحبة لقراءة القرآن)
قام الباحثون بإختيار طلبة عشوائياً من الجامعة ، ثم تم إستبعاد الطلبة الذين لديهم مشاكل نفسية ، لهدف أن تكون الدراسة على الإشخاص العاديين
وبذلك شملت الدراسة ٨١ طالب وطالبة ، تم بث (قرآن غير مرتل) عبر مكبرات الصوت في الجامعة ، صباحاً لمدة ربع ساعة ، على مدى شهرين
ثم وبعد أسبوع من إستكمال التجربة ، تم تقييم الحالة النفسية للـ٨١ طالب ، فتبين أنهم جميعاً تأثروا إيجابياً من الناحية النفسية
وبذلك تخلص الدراسة إلى أن التأثير الإيجابي للقرآن المسموع على الصحة النفسية ، ليس له علاقة بنغمة الترتيل وجمال صوت المقرئ ، وإنما للآيات ذاتها
ونحن نعلم أن الطلبة الإيرانيين في الجامعة (زهدان في بلوشستان جنوب شرق إيران على حدود أفغانستان) لا يتحدثون العربية ، مثلهم مثل باكستان وأندونيسيا وتركيا وغيرها من البلاد الإسلامية غير الناطقة بالعربية ، ويحتاجون لترجمة لفهم آيات القرآن
فكيف يمكن لنص يُقرأ بلا نغم ، وبلغة غير مفهومة ، أن يؤثر إيجابياً على شخص
تخيل نص يُقرأ بلا نغم ، بلغة ألمانية مثلاً ، فيؤثر إيجابياً عليك
هل ترى هذا منطقياً؟
إذا كان منطقياً فلماذا تُقرأ الكتب المقدسة (الإنجيل والتوراة) مترجمة بلغة المتلقين (مثلاً مسيحيين عرب في كنيسة عربية) لكي يفهموا ويتأثروا ، ولا يُقرأ باللغة الأصلية (سريانية مثلاً) ، لأنه آنذاك لن يكون له تأثير ، بسبب عدم فهم السامع لما يسمع
فماذا يميّز القرآن؟ كيف يمكن أن يؤثر إيجابياً بشخص لا يفهم ماذا يقول؟
في محاولة للإجابة على هذا السؤال سنتكلم الآن عن (علم اللغة الكوني)
Cosmic linguistics
وهو علم جديد يدرس جميع اللغات ، مع مقارنة النظام النحوي بالعلاقة الجينية بينها و بين اللغات الأخرى.
بدأت دراسة علم اللغة الكوني في لندن (2003) ، بسبب ملاحظة تفشي ظاهرة ” موت اللغات ، مع توقف إنجاب لغات جديدة ، منذ قرابة الألف العام .
في دراسة هذا العلم تم اكتشاف أن اللغة العربية هي لغة كونية والوحيدة المؤهلة للبقاء بعد موت باقي اللغات ، بسبب خلوّها من أي خلل جيني
مثال على الخلل الجيني : كلمةtalkالانجليزية تحتوي على صوت “أوه ” “O” الذي ألغى حرف الــ L في الكلمة . وهذا خلل جيني دفين في اللغة الإنجليزية سيتسبب بموتها لاحقاً
أما العبرية وكثير من اللغات فلا يوجد فرق واضح بين الذكر والأنثى
وكذلك اللغة الصينية بها خلل جيني من حيث إنعدام وجود ظرف زمان ، فلو أراد صيني أن يتحدث بصيغة الماضي سيضيف “أمس” للجملة ، مثلاً : (أنا أشرب الحليب أمس) لكنه لا يعني (أمس) كيوم محدد ، وإنما : (شربت الحليب) مسبقاً ، و لو أراد أن يتحدث بصيغة الحاضر (أنا شرب الحليب) سيضيف “الآن” ، أو “غدا ” للمستقبل.
وهذا خلل جيني في اللغة الصينية
https://www.youtube.com/watch?v=gheViMFg1Jc&sns=em
كما ترون في المقطع ، يقول الدكتور سعيد الشربيني وهو أحد العلماء القائمين على مشروع (اللغة الكونية) : ن اللغة العربية الوحيدة دوناً عن جميع اللغات ، هي التي تستخدم الجانب الأيمن من الدماغ ، وهذا يدل على أنها الوحيدة سليلة اللغة الأم ، والباقي مجرد لهجات حادت عن اللغة الأصلية حتى بعدت عنها كلياً ، وأصبح الدماغ يتعامل معها كمعنى للغة ، لا كلغة
سأتحدث لاحقاً عن مميزات اللغة العربية ، التي جعلتها مؤهلة لأن تكون اللغة الكونية ، لكن لا تنسون أصل الموضوع (تأثير سماع القرآن) الذي نحن نبحث في سببه ، وبالأخص سماعاً ، حيث ُأمرنا بالإستعاذة عند القراءة ، وليس عند السماع
وبعد الحديث عن مميزات اللغة العربية ، سنتحدث عن تاريخ اللغة العربية ، وسنرى أنها جزء من نسيج الدين السماوي النهائي ، وكان لابد للقرآن أن ينتظر نضوجها ، وعودتها إلى جذر اللغة الأصلى الذي تحدث به أول البشر ، والذي خاطبه الله به وعلمه الأسماء ، وهكذا كان القرآن ينتظر القرشيين وهم ينحتون عدة لغات رئيسية ، ليخلصوا اللغة الأم من الشوائب ، حتى ينزل القرآن إلى العالم
وهذا كان مقرراً قبل ألفي وخمسمائة عام قبل ولادة سيدنا محمد
حيث قال الله لسيدنا موسى في سفر التثنية : “أُقِيمُ لَهُمْ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلَكَ، وَأَجْعَلُ كَلاَمِي فِي فَمِهِ ، فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ”
لاحظ (كلام الله (اللغة الأصلية) على لسانه)
عموماً ، سنتحدث عن ذلك لاحقاً
في مؤتمر بلندن بنوفمبر 2003م تم إعتماد (علم اللغة الكوني) كعلم جديد ، وطارئ
لماذا؟
أثبتت الدراسات أننا نعاصر حالياً وباء يدعى (كوليرا اللغات) ، حيث لوحظ أن اللغات تموت بمعدل لغة واحدة أسبوعياً ، وقد كانت بمعدل لغة كل أسبوعين في الـ2015مـ ، ولغة كل سنة قبل عشرين عاماً ، وبحسبة رياضية تبين أنه في عام 2090مـ لن يبقى على الأرض سوى لغة واحدة
فكانت الحاجة والهدف لـ(علم اللغة الكوني) هو تحديد ما هي هذه اللغة ، لكي يتم حفظ الوثائق والعلوم بها ، في حالة حدوث كارثة ، أو حرب مدمرة
أو لكتابة التحذير على المخلفات النووية التي ستظل نشطة وتمثل خطر لمدة عشرة آلاف سنة قادمة ، فقد إعتمدت اللغة العربية كأحد اللغات الست التي يتم كتابة التحذير بها ، على مخازن المخلفات النووية
الآن سأتحدث عن اللغة ، لكي نفهم ، كيف تتشتت اللغة إلى لهجات ، ثم تصبح اللهجات لغات بدورها
نبدأ بقول د. إسرائيل ولفنستون في (تاريخ اللغات السامية) : “ليس أمامنا كتلة من الأمم ترتبط لغاتها بعضها ببعض كالإرتباط بين اللغات السامية”
يرجح ولفنستون أن جذور اللغات السامية نبتت في جنوب العراق ، وأنهم تحدثوا اللغة الأم هناك ، نودلكه يقول أنهم تحدثوها في أرمينيا ثم هبطوا إلى العراق ، أما أولسهوزن فيقول أن العربية هي الأقرب إلى اللغة الأم ، مع أنها ولدت متأخرة ، فكيف حدث هذا؟
دعونا نذهب إلى أول موقع للحضارة البشرية ، وهو جنوب العراق
حيث رست سفن في الخليج العربي عند مصب النهر ، هؤلاء يقولون أنهم ناجون من طوفان أغرق الأرض ، وكان ذلك حوالي العام الـ٦٠٠٠ قـ مـ
منذ ذلك الحين تتباعت ممالك على هذه الأرض : سومر – أكد – بابل – آشور – كلدان ، حتى إجتاحها الفرس العيلاميون القادمون من خوزستان ، واحتفظوا بها حتى مجيء العرب المسلمين
أول وتد للحضارة تم غرسه كان على يد السومريين ، وبما أن موضوعنا يختص باللغة ، فهؤلاء كانوا يتحدثون اللغة الأم ، لغة ما قبل الطوفان ، لغة آدم ، لغة الله التي علمها لآدم
السومرية الأولى لم تتم فك كل أسرارها ، بسبب تأخر إكتشاف الكتابة المسمارية أكثر من ألف سنة بعد إنشاء المملكة السومرية ، لكن وريثتها الآكادية تم فكها بالكامل ، ولابد أنها تحمل الكثير من الأم السومرية ، لإرتباطها الزمني بها
تم فك كل أسرار اللغة الآكادية بسبب أنها سادت لآلاف السنين حتى الفتح الفارسي ، ومع إضمحلالها عملياً على ألسنة الناس ، إلا أنها ظلت لغة المراسلات الدولية حتى مجيء الفرس
يطلق الآكاديون على لغتهم الـ(ليشانوم أكاديتوم)
Lisanum Akaditum
كما هو واضح ويمكنك أن ترى أنهم يعنون الـ(لسان الآكادي)
الـ(واو) في (ليشانوم أكاديتوم) تعني أن هذه الجملة مرفوعة ، لتشابه الآكادية مع العربية ، الآكاديون كانوا يستخدمون الـ(واو) في نهاية الكلمة بهدف رفعها إعرابياً ، أو يستخدمون الـ(ألف) للنصب ، أو الـ(ياء) للجر
فمثلاً : قد يقول آكادي (صيخور) فيعني (صغير) وموقعه بالجملة مرفوع ، وقد يقول (صيخار) منصوباً ، أو (صيخير) مجروراً ، وهذه العلامات الإعرابية تشترك معها العربية فقط ، دوناً عن كل لغات العالم
بالإضافة لإستخدام الآكادية للجذر الثلاثي لمفرداتها ، والصفة تتبع الموصوف بالإعراب ، وأصوات الأحرف المضخّمة ، وغيرها
ويمكنكم الإستزادة من كتاب (اللسان الأكادي) للـ(أ د عيد مرعي)
لكن بين العربية والآكادية آلاف السنين ، وعدة لغات ، مثلاً:
الإبوليّة : لغة مملكة إبلا بسوريا
الكنعانية : لغة أوجاريت السورية ، وفينيقيا البحر الأبيض المتوسط ، والعبرية
والآرامية : سوريا
والحبشية وعرب الجنوب
ونحن نعرف تماماً أن العربية ولدت في مكة ، بسبب أسواقها وتجمع أطياف الناس فيها ، بالقرن الرابع الميلادي
فكيف يمكن لهذه اللغة الوليدة أن ترتبط باللغة الأم ، وبينهما ما يزيد عن الـ٥٠٠٠ عام ، بينما اللغات الأقرب منها زمنياً بعدت عنها كلياً
كلمة السر هي : إسماعيل
(إسماع إيل) تعني (أجاب إيل) و(إيل) هو اسم الله ، حيث (الله) هي (إيل) مفخّمة ، حيث العرب يفخمون الإسم عند النداء ، فيقولون (أمّاه) للأم و(بيّاه) للأب ، فـ(الله) هو لفظ نداء لـ(إيل) الذي هو الله ، كما هو واضح من أسماء الملائكة (جبرا إيل) (ميكا إيل) وغيرهم
فنعد إلى (إسماعيل) الذي تركه (إبراهيم) مع أمه بوسط الصحراء ، في بقعة غير ذات زرع ، مقطوعة عن أي مكان
تخبرنا قصص الأنبياء متأثرة بالمرويات اليهودية ، أن سبب تركهما هناك هو بسبب غيرة سارة من هاجر ، لأنها منحت إبراهيم صبياً بينما لم تفعل سارة
لكن بالحقيقة الموضوع أبعد من هذا ، حيث كان إبراهيم وإسماعيل يتحدثان الآكادية القريبة من اللغة الأم السومرية ، كما قلنا
وبينما ستتداخل اللغات في المناطق الحضرية ، ستبقى لغته منزوية في الصحراء ونقية من التداخل مع اللغات واللهجات
مع نزول الجرهميون في مكة ، إلا أنهم أجلّوا إسماعيل ولغته ، لكونه صاحب الأرض ، وهم ضيوف عنده
كان السبئيون تجاراً أغنياء يسيطرون على خط التجارة مع أفريقيا والمحيط الهندي ، وكان لديهم مهندسين لم يكن في العالم القديم مثلهم ، حيث بنوا ناطحات سحاب ما قبل التاريخ ، وسد مأرب
لم يستطع المصريون ولا البابليون فعل ما فعله السبئيون ، حيث طوّعوا أنهارهم وإستخدموها لكوسيلة للمواصلات بين أنحاء المملكة ، فكانوا إذا أرادوا السفر يركبون قوارب تستخدم مجري النهر في قنوات ، فيعبرون المدن ، الواحدة تلو الأخرى ، آمنين ، مستمتعين
(وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ ۖ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ)
حتى وصلوا إلى مرحلة تمنوا أن تطول مدة سفرهم ، بسبب إستمتاعهم به ، وحدث هذا بشكل جماعي ، وعلى مستوى المملكة
(فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا)
فإستجاب لهم ، فإنهار سد مأرب ، وجرف السدود الصغيرة التي كانت تصب في القنوات ، ودخلت المملكة في الفوضى ، فتشتت السبئيون بأنحاء العالم ، يبحثون عن ملجأ
إحدى العوائل إستوطنت مكة ، ولأنهم كانوا متحضرين ، جعلوا من مكة مدينة عامرة تحكمها القوانين
هؤلاء كانوا عرباً جنوبيين ، إذا تكلموا لم يكن يفهمهم عرب الشمال (العراق والشام)
فمثلاً : كان عرب الجنوب يستخدمون (ن) في نهاية الكلمة للتدليل على النكرة
حيث يقولون : (رجلن) إذا أرادوا القول أن هذا (رجل) نكرة لا نعرفه ، وإذا كانوا يعرفونه لا يضعون الـ(ن) ، فيقولون : (جاء رجل) للذي يعرفونه ، و(جاء رجلن) للنكرة
بينما يستخدم عرب الشمال (الـ) التعريف ، فيقولون (جاء الرجل) للذي يعرفونه ، و(جاء رجل) للنكرة بدون (ن)
فالذي فعلته قريش هو أنهم أخذوا (الـ) التعريف من عرب الشمال ، و(ن) النكرة من عرب الجنوب ، فكان الشماليون يعرفون (الـ) التعريف ، والجنوبيون يعرفون (ن) النكرة ، فكان الإثنين يفهمون على بعضيهما أثناء الحديث في مكة
وهكذا أخذت قريش تنحت اللغة ، فتأخذ أفضل ما عند الإثنين ، لتصيغ اللغة ، وبينما كانت تفعل هذا ، كانت تعيد الحياة للغة ميتة ، هي اللغة الأم ، لغة (آكاد) التي كان يتحدث بها جدهم إسماعيل
لكن كيف حكمت قريش مكة ، وأين ذهب السبئيون ، وأين أبناء إسماعيل؟
إستقرار جرهم في مكة وتحولها إلى مدينة عامرة لفت إنتباه قبيلة سبئية أخرى تبحث عن ملجأ ، وهي قبيلة خزاعة
إجتاحت خزاعة مكة وطردت الجرهميين ، وحكمت مكة لمدة ثلاثة قرون ، كانت الأسوأ في تاريخ مكة ، حيث أدخلوا الأصنام إلى مكة ، ودفنوا بئر زمزم ، وإستحلوا حرمة البيت
فغادرها أبناء إسماعيل ، وتفرقوا في البلاد ، فأسسوا مدناً وناسبوا القبائل ، فمثلاً (نابت بن إسماعيل) سكن أبناؤه الأردن ونحتوا مدينتهم في الجبال وأطلقوا عليهم الأنباط تيمناً بجدهم (نابت) ، و(دُما بن إسماعيل) سكن دومة الجندل ، وهكذا أصبح إسماعيل جداً لكل العرب ، ودخل جين سيدنا إبراهيم ﷺ فينا جميعاً وبذريتنا من بعدنا
بسبب أهمية مكة كمدينة دينية ومحطة رئيسية على طريق القوافل المنحدر إلى الشام والعراق ووسط آسيا والصاعد إلى اليمن وأفريقيا ، ولكثرة الغزوات التي كانت تتعرض لها ، ولموجات الحشود البشرية التي كانت تفد إليها في أوقات القحط عندما يتأخر المطر
بنى الخزاعيون بيوتهم حول الحرم كسور للدفاع عنه ، وكان هناك بوابات بين البيوت ، وهذه البوابات عليها حرس ، وكانوا يسمحون لبعض القبائل المسالمة أن تسكن خارج أسوار مكة ، ومن هذه القبائل كانت قريش
هناك جانب آخر من قصتنا هذه ، حيث أن (قصي) جد الرسول ﷺ الذي يُنسب إليه فضل إستيلاء قريش على مكة ، كان اسمه (زيد) لكن لأن أمه تزوجت بـ(ربيعة القضاعي) بعد وفاة أبيه (كلاب القرشي) ، وانتقلت به مع قوم زوجها إلى الشام ، سمّيَ (قصي)
وبعدما شب تحت رعاية زوج أمه (ربيعة) على أنه أبنه ، عيّره بعضهم على أنه دخيل عليهم ، فسأل أمه ، فأخبرته عن نسبه القرشي
فرحل إلى قومه ، وكانوا حول مكة
فتزعمهم سريعاً ، لشرفه ، وأدبه ، وعلمه ، وجماله
وحتى الخزاعيين أحبوه وقربوه ، فزوجه سيد مكة (حليل الخزاعي) ابنته (حُبى) ، فولدت له أبناء كثر
وانتظر حتى موت (حليل) ، فحشد قريش ، وذكرهم بأنهم أحفاد (إسماعيل) باني الكعبة ومؤسس مكة ، وأن مكة ملكهم هم وليس السبئيون ، وأن مكان القرشيين داخل أسوار الحرم لا خارجه ، فعاهدوه على القتال خلفه ، وراسل أخوه من أمه (رزاح القضاعي) فجاء مع حشد في موسم الحج ، وتظاهروا بالرغبة بالحج ، ثم في الموسم هاجموا الخزاعيين ، ونشبت الحرب ، وحاصرتهم قريش ، ورأت خزاعة أنها لا قبل لها بحربهم ، فلجأت للتحكيم ، فحكم شريف من أشراف العرب (يعمر بن عوف) بأن (قصي) أحق من الخزاعيين بحكم مكة ، فخرجوا منها
ودخلت قريش مكة
هذا الحدث لم يكن هامشياً ، فقد ذكره الشاعر السرياني العراقي (نارساي) في القرن الخامس مـ ، بأن (أبناء هاجر) إستولوا على (بيت عربايه) ويعني (بيت العرب) ، في إشارة إلى الكعبة كـ(بيت العرب) ، ومن يحكمه سيحكم العرب ، وسيصيغ لغتهم
وهكذا ، دخلت قريش مكة ، وأصبح (قصي) سيدها (حوالي ٤٠٠ مـ) ، وقريش سكنت بمساكن الخزاعيين بداخل الحرم ، وكانت فترة رخاء لمكة ، فقد رمم الكعبة وبنى الدور وقطع الأشجار التي كانت تعيق الحركة بالحرم ، ومهد الطرق ، وأوقد ناراً في مزدلفة لتدل الناس على مكة من بعيد
ولكن كان حكم (قصي) فردياً فإستحوذ على جميع سلطاتها ؛ الحجابة ، اللواء ، الندوة ، الرفادة والسقاية
الحجابة : وهي وظيفة تتعلق بالعناية بالكعبة وخدمتها ، على نحو سدنة المعابد
اللواء : وهي مهمة حماية مكة ، وهي ذات طبيعة عسكرية
الندوة : الإشراف على إتخاذ القرارات السياسية ، على نحو مجالس الشورى والشعب ، وكذلك كانت محكمة يفصل بها بين المتخاصمين ، ويتم فيها إبرام العقود ، وكذلك الزواج
السقاية : الإشراف على سقي القوافل من زوار ودوابهم ، من يفدوا حتى يغادروا مكة
الرفادة: إطعام القوافل وضيافتهم ، كذلك طوال فترة إقامتهم
ثم وبعد وفاة (قصي) آلت السلطات الخمس إلى ابنه البكر (عبدالدار)
فكان عنده مفتاح الكعبة ودار الندوة ، والسقاية والرفادة ، والعسكر الذين يحرسون مكة
فثار (عبدمناف) ، وكادت أن تنشب الحرب الأهلية في مكة ، وغمسوا أيديهم بالدم عند الكعبة وتعاهدوا على الثبات بالحرب ، ثم وللمصلحة العامة وللحفاظ على السلام وسلاسة إنسياب القوافل التجارية ، جنحوا للسلم ، فأعطى (عبدالدار) السقاية والرفادة لـ(عبدمناف) ، وأبقى الحجابة واللواء والندوة في يديه
وظن بذلك أن السلطة ظلت في يديه ، وخدمة القوافل والتعب على (عبدمناف)
لكن الذي حدث أن القوافل كانت تتعامل مباشرة مع (عبدمناف) وأبناءه ، فهو الذي يطعمهم ويسقيهم ودوابهم ، ويحل مشاكلهم ، فذاع صيته بين القوافل ، والممالك التي يأتون منها
فقرر أمر مهم وهو إنشاء (الإيلاف)
(الإيلاف) هو عهد أمان ، وهو مشتق من (الألفة) ، ويهدف إلى تشكيل (إئتلاف) يؤمّن طريق القوافل التجارية
كانت جزيرة العرب تتوسط أهم بحرين تجاريين (الهندي) و(المتوسط) ، ونقطة تلاقي ثلاث قارات كانت مهد للحضارات منذ فجر التاريخ ، فكانت أهم بقعة تجارية في العالم
ولأنها صحراء قاحلة ، حارة وليس بها ماء ، ولا أحد يعرف طرق كثبانها سوى البدو ، إجتذبت قطاع الطرق الذين عاشوا على نهب العابرين لآلاف السنين ، وقد حاول الفراعنة بسط نفوذهم عليها ففشلوا ، وتوغل الآكاديون والبابليون فيها عبثاً ، ولم يجرؤ على ولوجها الإسكندر الأكبر الذي غزا العالم كله ، ولكن الرومان تجرأوا من بعده ، ففشلت الحملة الأولى بعد الضياع لمدة ستة أشهر في الصحراء ، أما الثانية فقد تاهت كلياً
ففعلت قريش ما لم يستطع أحد فعله من قبلها ، فقد ذهب (عبد مناف) مع أبنائه الثلاثة إلى ملوك الجهات الأربع لإقناعهم بالتوقيع على (الإيلاف) كمعاهدة تجارية
فذهب هو إلى ملك الحبشة وأخبره أن قريش ستؤمن القوافل العابرة البحر الأحمر ، وزيّن له تصريف منتجات مملكته في أسواق مكة والأرباح التي ستدرها عليه ، فوافق
وذهب (نوفل) إلى العراق ، وأقنع كسرى وملك الحيرة بالإنضمام إلى (الإيلاف)
وذهب (عبدالمطلب) إلى اليمن وأقنع ملكها
وذهب (هاشم) إلى قيصر بالشام ، وأقنعه بفكرة (الإيلاف)
وبينما هم في طريقهم إلى الملوك قابلوا سادة قبائل العرب وأشراف الصحراء ، وشرحوا لهم أن تأمين طرق التجارة في الصحراء ستدر أرباحاً عليهم أكثر من سلبها ، وأنهم سيضمنون دخلاً ثابتاً من تزويد القوافل بالمؤمن أثناء عبورها في أرضهم ، وسيعملون كأدلاء وحرس وحاملي بريد بين المحطات ، ولمن لم يقتنع عرضوا عليه تعويضه نقداً عن سلب القوافل ، على أن يؤمّنها ويضمن سلامة ركابها
وهكذا فعل القرشيون الأربعة ما عجزت عنه جيوش مدججة بالسلاح
وتحولت الممالك وقبائل البدو وقطاع الطرق وقراصنة البحر الأحمر إلى شركاء لقريش في تجارتها
وهذه التجارة كانت تدر ربحاً بنسبة ١٠٠٪ ، (دينار للدينار) كما ينقل لنا البلاذري
هذه النسبة العالية جذبت القوافل إلى مكة مثل سيول المطر إلى الأرض المنخفضة
ففكرت قريش بفكرة أخرى لجذب المزيد من القوافل ، وهو تنظيم مهرجانات تسويقية ، فكان يوم (عكاظ) ، واسمه مشتق من (الزحام) و(الجدال) ، ويمكنك من اسمه أن تتخيل زحام ناس من أعراق شتى ، من روما وفارس والهند وأفريقيا وعرب جنوبيين وشماليين ، كلٌ يعرض منتوجات بلده ، هناك من يساومه لشراءها بالجملة ثم إعادة بيعها بالتجزئة ، وآخر يفتح مزاداً على مجموعة عبيد ، بالقرب منه يجلس مرابي يعرض إقراض التجار بفائدة نسبتها خمسين بالمئة ، بجانبه صراف يعرف قيمة كل عملات أصقاع الأرض
كل هؤلاء كانوا من أعراق شتى ، وكانوا بحاجة إلى لغة تواصل بينهم
وبما أن قريش صاحبة الأرض ، أصبحت لغتها صيغة للعقود التجارية وصكوك الديون والتأمين على البضائع
وإحتاجت الممالك لمترجمين يفهمون هذه اللغة عند دفع الضرائب (جباية المكوس) وعند التخاصم في محاكمها ، أو تقاضي الديون ، فأصبح من يتكلم هذه اللغة مطلوباً ويتقاضى أجراً عالياً ، فأقبل الجميع على تعلمها
ثم ، ولمّا لاحظ القرشيون تفاخر الشعراء بمفاخر قبائلهم في الأسواق نظّموا مسابقات شعرية ، وعلّقوا القصيدة الفائزة على الكعبة ، وكان شرفاً عظيماً ، فأقبل الشعراء على تعلم لغة قريش لتكون قصائدهم مفهومة في أسواقها ، فأصبحت لغتهم لغة أدبية بعدما كانت تجارية ، وأصبح لقواعدها أهمية بعدما كانت مجرد لغة تواصل
Lingua franca
ثم ولتعاظم مكانة مكة تجارياً وثقافياً ، وبعد إجتياح الأحباش لليمن وبإيعاز من روما ، قرر إبرهة غزو مكة ، قبل أن تقارع الممالك العظمى
وعند فناء الجيش الحبشي على أبواب الحرم ، علا نجم مكة وذاع صيتها ، وأضافت لغتها بعداً قدسياً دينياً على البعدين التجاري والثقافي
وهكذا ، أصبحت مكة مهابة الجانب ، والعرب لأول مرة ينسجون هويتهم ويصيغون لغتهم بفخر وإعتداد عظيمين ، فهم لم يعودوا قطاع طرق وغوغاء ، وإنما تجار وأدباء ، ولديهم معاهدات دولية وقوانين وأعراف
من يتوقع هذا في هذه البقعة النائية في وسط الصحراء القاحلة ، الحارة ، الخالية من أي مقومات قيام مجتمع متحضر ، حيث ترك نبي طفلاً وأمه ، ودعا : {رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ ربَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ}
وهكذا ، إبراهيم الذي يستخدم اللغة الآكادية ، ترك ابنه في وسط الصحراء
وبينما كانت اللغة الآكادية تتداخل معها لغات أخرى ، وتنصهر في اللغة الآرامية وغيرها ، كانت الآكادية مخبئة في وسط الصحراء ، مثل بذرة تنتظر المطر لتنمو من جديد
المطر جاء مع القوافل التي تفد على مكة ، فلغة قريش أصبحت لغة المراسلات الدولية ، والعقود التجارية ، وقصائد الشعر
فقد لاحظ (جواد علي) و(عرفان حمور) أن لغات قريش بينما كانت تمد الجسور بين لغات العرب كانت بنفس الوقت تقضي على لغات ، مثل الحميرية
فعندما هزم جيش إبرهة في عمق الجزيرة ، إستغل (سيف بن ذي يزن) هذه الهزيمة ليسترجع ملك آبائه من الأحباش ، فكان غلبة لغة قريش فيما بعد على بلاطه وكل اليمن إمتناناً لهزيمة الأحباش ، وبداية الإنتماء للعرب والإنفصال عن أفريقيا ، فاختفت (ذو) و(ذي) الحميرية من أسماء اليمنيين ، وأصبحت أسماءهم على الأوزان العربية
وهكذا كانت اللغة العربية البذرة التي تم زرعها في مكة ، ثم تفرعت خارجها ، لتتوّج بالإسلام كثمرتها المنتظرة
فالعرب شمالاً وجنوباً تحلّقوا حول هذه اللغة ، وأحسّوا بكيانهم المستقل
العرب لا ينتمون إلى جنس ، ولا لبلد ، وإنما للغة ، فالعربي هو الذي يتحدث اللغة العربية ، قد يكون أفريقي أو فارسي أو أوروبي ، لكنه عربي لأنه يتحدث العربية
(عربية) لا تتبع بلد ، فلا يوجد بلد اسمه (عرب) ، وإنما تسمى البلاد (العربية) لتوضح انتماء هذا البلد لأمة تجمعها لغة واحدة
على عكس اللغات الأخرى ، التي ترجع إلى بلد
مثل (الإنجليزية) المرتبطة بـ(إنجلاند) أو بلاد الإنجليز ، أو (الفارسية) المرتبطة بمنطقة (بارسيس) أسستها عائلة ملكية حكمت (إيران) بالقرن الرابع قبل الميلاد
وهكذا اللغات ما أن تتحدث بها حتى تتبع أرض
(العربية) متحررة من الحدود الجغرافية والممالك
(العربية) تعني (كلام واضح) ، و(أعرب) يعني (وضّح) ، وقديماً عندما يتحدث شخص بـ(العربية) فهو يتكلم كلام مفهوم وواضح ومفسّر بلا غموض ، بغض النظر عن اللغة التي يتحدث بها
ولذلك عندما تقول سورة (فصّلت) : {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ۖ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ ۗ}
هي تناقش نقد للمشركين بخصوص إسلوب القرآن المباشر والواضح ، وهو عكس الأساليب الشعرية التي تنتهج إسلوب الغموض لتثير فضول المتلقي
فتجيبهم الآية أن لو حدث هذا لقالوا (يا ليته كان واضحاً) ، فـ(الأعجمي) هو عكس (العربي) ، و(الأعجمي) ليس بلغة وإنما يعني (كلاماً غير مفهوم) ، وكان يطلق العرب (أعجم) على الأخرس
لذلك تختم الآية بالسؤال الإستنكاري (أأعجميٌّ وعربيّ) بمعنى أن يتخذ القرآن الأسلوب الغامض المبهم وكذلك الواضح المباشر ، وهو الأمر المستحيل
فهناك ألفاظ من لغات أخرى في القرآن ، لكنها أصبحت عربية عندما أصبحت مفهومة ، وأصبح لها دلالة في العقل
مثل كلمة (تليفون) بالنسبة لنا هي عربية
نشأ (علم الدلالة) على يد الهنود قبل آلاف السنين في معرض دراستهم لكتابهم المقدس (الفيدا) قبل آلاف السنين ، فقرروا أن هناك علاقة لزومية بين (الكلمة) و (المعنى) ، شبيهة بعلاقة الدخان بالنار ، وقسّموا الكلمات إلى أربعة أنواع:
١- تدل على مدلول عام ، مثل (رجل)
٢- تدل على صفة ، مثل (طويل)
٣- تدل على حدث ، مثل (جاء)
٤- تدل على ذات ، مثل (محمد)
ثم جاء المسلمون وتلقّفوا هذا العلم لفائدته العظيمة في تفسير معاني القرآن ، فوضع العلماء نظريات في (علم الدلالة) ، مثل (الفارابي) و(الغزالي) و(ابن خلدون) ، ولمن يود الإطلاع على نظرياتهم فليقرأ (علم الدلالة) لـ(منقور عبدالجليل)
وهكذا ، للكلمات القرآنية (مدلول) ضخم في أذهاننا ، يختلف عن (مدلولها) اليومي
مثلاً ، (إقرأ) تدل على (أمر بقراءة شيء مكتوب) ، لكن في القرآن تختزل حادثة (غار حراء) ، فور قراءتها أو سماعها يستحضر ذهنك مشاهد من الحادثة ومشاعر الرسول من صدمة وخوف وعدم فهم المطلوب منه ، والنتيجة اللاحقة لهذا الحدث
لو قرأها شخص غير مسلم لن يستحضر ذهنه هذه الصور ، ولن يكون لها هذا (المدلول)
في المقابل ، لو سمعت أو قرأت كلمتي (مملكة السماء) ، فلن يكون لها أي مدلول ، ربما ترتبط بفيلم
Kingdom of heaven
لكن لهذه الكلمتين مدلول عظيم عند المسيحيين ، حيث هما مرتبطتان بالمملكة التي سيحكمها سيدنا عيسى بن مريم عندما يهبط إلى الأرض
وهكذا لكلمات القرآن مدلول في أذهاننا ، لا يتوفر لمن يسمع القرآن من غير المسلمين ، ولذلك فلن يكون لكلمات القرآن نفس الأثر علينا
لكن لو تذكرون من الدراسات التي إستعرضتها في بداية موضوعي ، للقرآن تأثير كبير على الحالة النفسية لمن يسمعه من غير المسلمين ، بل وغير الناطقين بالعربية
فكيف يكون للكلمات تأثير وهي بلا مدلول؟
بالحقيقة ، لا يوجد إجابة دقيقة لهذا السؤال
فقد يكون بسبب كون لغة القرآن هي اللغة الأم ، فيكون لها جذور في الدماغ
حيث ، يخبرنا الدكتور سعيد الشربيني أن لدى تكبير الدماغ ٣٥ مليون مرة يمكن مشاهدة الكلمات وهي تتحرك داخل الدماغ ، من المنطقة الخلفية باتجاه قاع الدماغ
لتلتحم بالدلالات المخزنة هناك
حيث يشبه الدكتور الكلمة بـ(السائق) ، والدلالة بـ(السيارة) المركونة بانتظار من يركبها ، وما أن تركب (الكلمة) بداخل (دلالة) حتى يصبح لها مفهوم معيّن في الوعي
يقول الدكتور أن اللغة العربية هي الوحيدة التي تتحرك كلماتها في النصف الأيمن ، بينما باقي اللغات تتحرك في النصف الأيسر ، وبما أن لهجاتنا اليوم ابتعدت عن العربية الفصحى ، وهناك كلمات دخيلة كثيرة في كلامنا ، حيث نستخدم كلمات بين النصف الأيسر والأيمن في الدماغ ، فيقول الدكتور أنهم يستخدمون كلمات القرآن نموذجاً للغة الدماغ اليمنى كلياً
في موضوعنا ، ارتكزنا على مقابلة للدكتور سعيد الشربيني في قناة الرحمة لفهم ماهو الفرق بين الإستماع للقرآن وتلاوته ، ولماذا نستعيذ من الشياطين عند تلاوته ، ولا نستعيذ عندما نسمعه ، ولماذا لا يشترط التركيز (الإنصات) عند سماعه
وتعرضنا بإيجاز لتاريخ اللغة العربية ، وتكلمنا عن جذورها الآكادية ، وتطورها في مكة
وعرضنا إحتمالية كونها اللغة الأم التي تحدث بها بشر ما قبل الطوفان ، ثم تغيرت ، فكانت المحطة الثانية عند ألسنة السومريين ، فالثالثة عند الآكاديين ، مع إحتفاظهم بقدر كبير من مفردات الأولى ، فأودع سيدنا إسماعيل في وسط الصحراء بعيداً عن خليط اللغات ، كيلا تضيع اللغة كلياً
فأعادها أحفاده القرشيون للحياة عبر أسواقهم
فنزل بها القرآن
جاء في الأثر عن سيدنا جعفر الصادق : “عجبت لمن خاف ولم يفزع الى قوله تبارك وتعالى : ” حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ” ، فاني سمعت الله عقبها يقول : ” فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ”
الرواية لها تكملة ، وهي طويلة وجميلة وعميقة ، لكن ما يهمنا هنا هو ترديده ثلاث مرات (فإني سمعت الله يقول) في معرض حديثه عن آيات القرآن
ينبهنا الإمام إلى حقيقة مهمة ، وهي أننا عندما نسمع أو نقرأ القرآن ، علينا أن نضع في أذهاننا أن المتكلم هو الله
منذ بداية أول سورة بالقرآن ، نقرأ : ﷽
ما المعنى؟
لا يمكنني التعبير عن المعنى ، لكن خذوا هذا المثال ؛ عندما يتكلم شخص فتسأله (تتكلم بإسم من؟) ، أو عندما يخطب رئيس فيقول أنه يتكلم بإسم الشعب أو بإسم الأمّة
من يقرأ القرآن هو يقرأه بإسم الله
حاول أن تجد المعنى لوحدك
http://www.kalemtayeb.com/index.php/kalem/safahat/item/45113
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=351862
http://alhussain-sch.org
https://www.reference.com/world-view/difference-between-hearing-listening-14a731f27528b699
https://www.youtube.com/watch?v=gheViMFg1Jc&sns=em
http://www.tandfonline.com/doi/abs/10.1080/02702710590910584?journalCode=urpy20
https://www.press.umich.edu/pdf/9780472034598-myth1.pdf
https://www.forbes.com/sites/olgakhazan/2011/09/12/is-listening-to-audio-books-really-the-same-as-reading/#2d839021167a
http://www.academypublication.com/issues/past/jltr/vol02/05/05.pdf
https://www.textroad.com/pdf/JAEBS/J.%20Appl.%20Environ.%20Biol.%20Sci.,%205(8S)627-631,%202015.pdf
http://surreyisoc.com/articles/4
http://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S187704281305338X
http://ac.els-cdn.com/S187704281305338X/1-s2.0-S187704281305338X-main.pdf?_tid=42873c66-0604-11e7-a553-00000aacb35e&acdnat=1489200282_8490d7ee691bcf84191cf836a4172dbe
https://www.researchgate.net/profile/Jalil_Nejati/publication/259722053_The_Effect_of_Holy_Quran_Voice_on_Mental_Health/links/55d9ccb608aeb38e8a88fc6a/The-Effect-of-Holy-Quran-Voice-on-Mental-Health.pdf
http://citeseerx.ist.psu.edu/viewdoc/download?doi=10.1.1.413.7568&rep=rep1&type=pdf
http://linguistics-cosmic.blogspot.com
(إيلاف قريش) سحاب ، فيكتور ، ١٩٩٢ ، كمبيونشر والمركز الثقافي العربي ، بيروت
(علم الدلالة) ، عبدالجليل ، منقور ، منشورات اتحاد الكتاب العرب ، دمشق ، ٢٠٠١
http://www.hespress.com/writers/53288.html
http://www.abc.net.au/triplej/programs/hack/temple-of-doom-how-do-we-warn-the-future-about-nuclear-waste/7181278